عقد اليوم 5 يناير 2021 مجلس التعاون الخليجي القمة الخليجية في دورتها 41 في مدينة العلا السعودية، وذلك بعد أن أعلن وزير خارجية الكويت مساء الرابع من يناير 2021 عن عودة العلاقات بين الدوحة والرياض، وأنه تمت المصالحة بين البلدين، وتم فتح المجالات الجوي والبرية، ونحن في الحزب الوطني إذ تهمنا مصلحة بلادنا وحسن علاقاتها بجيرانها الذين تجمعهم وشائج عائلية وتاريخية وكل أواصر الترابط التي قطعت فجأة يوم 5\6\ 2017 دون علم ما كان يسمى بالعائلة الخليجية، حتى أن أمير الكويت الراحل أعلن أنه عمل على إيقاف الحرب. في هذا البيان يهمنا بالدرجة الأولى وعي شعبنا ووعي إخواننا في المنطقة بحال السلطات القائمة وتعاملها مع القضايا الكبرى في المنطقة وأولها عبث غير محدود في كل المجالات، السياسة والاقتصاد والاجتماع، وكافة الميادين، كما نختم برؤية سريعة لما نراه حلا دائما لا داءً مقيما كالذي نحن فيه في مجلس التعاون.
ونذكر بما يلي:
أولا: إن مجلس التعاون هو إلى الآن مجلس للحكام ولا علاقة للشعوب به، فقد يفيد أو يضر بحسب مواقف ومصالح ستة أشخاص، يلحقون الدول والشعوب بمواقفهم، وإلا فأين الشعب الخليجي الذي قرر الإنشاء أو الإنهاء، أو المقاطعة أو الحصار؟
ثانيا: لا ننكر أنه نتيجة لبعض القرارات فقد استفاد سكان الخليج من بعض التسهيلات في التنقل والعمل والإقامة.
ثالثا: هذا المجال أصبح ربقة سياسية بما أنه مؤسس لمصالح الحكام وضد الشعوب فقد أقر أحكاما لا إنسانية منها إغلاق أفواه سكان الخليج عن قول الحق أو نشره عندما تكون الكلمة في مصلحة الشعوب أو حين توحي بانتقاص لأي من الأشخاص الستة، وقد أصدر قوانين جائرة ضد حقوق الناس تجرّم الأشخاص الذين قد ينتقدون تصرف أيا من هؤلاء الستة، بل وقوانين تسليم من يصنفونه مجرما، ويتبادلون تسليم أشخاص مارسوا حقهم في التعبير عن آرائهم كمجرمين. وقد تم تسليم عدد كبير بهذه التهمة، وجرت وتجري محاكمات لمن جرؤ على كلمة حق.
رابعا: لم يتنازل أحد من حكام الخليج عن أي صلاحية لصالح مؤسسة مجلس التعاون، بل بقي المجلس مجرد سكرتارية لإيصال المراسلات العامة بين الحكام، فالحاكم معصوم وعلى صواب مهما أجرم أو أضر بالشعب، والمحكوم مجرم إلا أن يعفو الحاكم عنه.
خامسا: مارس حكام مجلس التعاون موقفا معاديا لمصالح الشعوب العربية ولتحررها في الربيع العربي، ومولوا وأيدوا الثورة المضادة، ضد نيل الشعوب حقوقها في التقدم نحو الديمقراطية.
سادسا: استخدمت السلطات في الخليج الإعلام الرسمي والصحافة ضد دول الجوار، وضد شعوب المنطقة، وعززت الكراهية، وأجبرت البعض على الانخراط في ذلك لتأييد التخاصم والحروب والمقاطعة والحصار، وسجن واتهم أشخاص وتعرضوا للقمع بسبب عدم انخراطهم في تلك الشتائم، واستهدفت تدمير الأخوة بين شعوب المنطقة، وجرمت حرية التعبير، فحتى متى لا قيمة للملايين في أرضها ولا إعلام لها ولا دور لها في كبح الاندفاعات الضارة بنا؟
بعد هذا نعلن عن تأييدنا لإنهاء الأزمة التي شبت بين الحكام ولم تكن بين الشعوب، إنما يجب أن يعود المجلس بطريقة جديدة، فمن العيب أن يجري علينا هذا الضرر العظيم ثم يضغط أشخاص ومصالح من الخارج لإعادة المجلس، بل يجب أن يكون هذا المجلس لشعوب الخليج قبل حكامها، وأن يكون لأمتنا الدور في مستقبلها وعلاقاتها، وإن المصالحة يجب أن تضع في أول بنودها إنشاء برلمان خليجي حر، يمثل مصالح الناس، ويصدر القوانين، وتتم من خلاله صناعة السياسة الجامعة المفيدة لشعوبنا، وأن يكون للبرلمان المشروعية والصلاحية التامة، ونتخلص به من تدخلات الخارج ومن أمزجة المهيمنين على الداخل، فهذه المنطقة مقبلة على تحولات كبرى بعد تهاوي أسعار النفط الذي كان يستر عيوبا تكشفت، وبعد تعالي الصراع بين قوى كبيرة في المنطقة، وإثر انسحاب أمريكا التدريجي من الإدارة اليومية لسياسة حكومات الخليج، وضعف قدرة الموجودين على إدارة مستقبل المنطقة، كما أن غياب برلمان خليجي سيجعل الخليج محكوما من خارجه، والبديل له هيمنة حكومات وبرلمانات في الجوار مهيأة لإدارة منطقتنا، وقد بدأ الأمر يلوح في الأفق، فإما شعوب تحرر نفسها بمؤسسات منتخبة قادرة وإلا فإنها ستسلم نفسها لأعدائها عبر ممثلين جاهزين يتظاهرون بأنهم من القادة الموهوبين معصومين من النقد، ومن الضروري لمستقبل أفضل أن يتحرر الإعلام في خليجنا وأن يخرج القضاء من هيمنة الحكام عليه، وأن تولد العدالة في خليجنا، وتغلق السجون السياسية التي دمرت الحياة وشوهت الأخلاق وأعاقت مستقبلنا، وأن يحرر كل سجناء الرأي، وأن نجعل من نهاية الأزمة بداية للتحرر، لا تأسيسا جديدا لقيود أشد ضد الشعوب، ولا قمعا للأصوات الحرة، ولا توثيقا لبوابات سجن كبير يتكاتف بضعة أشخاص لإغلاقه على عشرات الملايين.